فكرية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مفاهيم الغرب وأثرها في الحياة

 

 

من المعلوم بداهة أن ما يُسيّر الإنسان والأمم والشعوب هو الفكر الذي يؤمنون به ويكون سلوكهم مرتبطا بشكل جذري بمفاهيمهم عن الحياة، لذلك نستطيع أن نعلم فكر إنسان ما أو أمة ما من خلال سلوكها ومواقفها في هذه الحياة.

 

وبالنظر إلى واقع الغرب منذ أكثر من ٢٠٠ سنة وخاصة بعد أن أصبحت المتحكمة في سير هذه الدنيا نجد أن سلوكها لا ينفك إطلاقا عن مفاهيمها التي تبنتها، منذ انعتاقهم عن سيطرة الملوك والرهبان عندهم، حيث تحكمت الفردية والأنانية فيهم كأفراد وكشعوب في كل مناحي الحياة، بجعل النفعية مقياسا لأعمالهم، ومن ثم تعمقت وتجذرت حتى وصلت إلى حد تفكيك الأسر عندهم، فالطفل عندهم له حقوق ولا قدرة لوالديه على التحكم فيه وتوجيهه، وعند بلوغه سناً معينة (١٨ سنة)، وفي الكثير من الأحيان قبل تلك السنة يفرون من بيوت ذويهم ويكون مصيرهم في الغالب على الطرق مشردين ومدمنين وعرضة للتحرش الجنسي بجميع أشكاله.

 

ولا تتحرك الدولة من أجل القضاء على هذه الظاهرة المتفشية بشكل مرعب عندهم، فحتى الدولة عندهم تبحث عما يخصها من جمع الأموال وثروات الشعوب المحتلة.

 

هذا هو واقع الغرب بشكل مختصر جدا، وهذا الأمر لا علاقة له بالتطور التكنولوجي والمدني عندهم لأن ما يهمنا هنا هو سلوك الأفراد والمجتمعات والدولة في واقع حياتهم اليومية.

 

إن الفردية والأنانية التي تحكمت في أفرادهم وجدت بشكل بشع في دولهم، فكان هذا واحدا من البواعث التي أدت إلى تغول وتوحش العالم الغربي من حيث احتلال البلدان وقتل الشعوب وإفقارها وتجهيلها، ومن ثم سرقة ثرواتها وعقول أبنائها، فوصلت تلك الشعوب المحتلة إلى الحضيض وأصبحت تتسول من محتلها حتى خبزها وماءها.

 

لكن على الرغم من معرفة هذا الواقع وبشكل واضح وبين وجليّ، إلا أن الكثير من أبناء المسلمين لا يزالون يظنون أنهم باعتمادهم على الغرب سوف يحصلون على ما يتمنون وأكثر، حتى لو كان ذلك على حساب أبناء جلدتهم، وعلى حساب أمتهم، فكل ما يهمهم هو بطونهم وفروجهم وأموالهم التي سيكدسونها في بنوك أسيادهم (جيوب أسيادهم).

 

وهؤلاء بعد قبولهم بالذل والمهانة والخيانة، بعضهم قد يحصل على بعض المكاسب الدنيوية من منصب كبير في بقعة ما من أرض المسلمين، وهو لا يملك من أمره شيئا، فكل تحركاته محسوبة ومحددة ومنضبطة بما يريده منهم سيدهم فهم حرس لمصالح أسيادهم لا أكثر ولا أقل.

 

والبقية الباقية منهم من الذين قبلوا الذل والمهانة والخيانة، الكثير منهم لا يحصل حتى على ما حصل عليه أفضلهم، فيبقون طوال حياتهم مهمشين ضائعين يلعقون أقدام أسيادهم علّهم في يوم ما يأخذون دورهم الخياني مع سيدهم الغربي.

 

أيها المسلمون: إن المتعلق بحبال الغرب كالذي يظن أن السّراب ماء، فيخسر دنياه وآخرته وتلحقه لعنات أمته التي أنجبته بسبب خيانته لها.

 

وليعلم كل عميل وكل ذليل وكل خائن، أن الغرب لو كان فيه من خير، لما ترك الآلاف من أبنائه يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويتعاطون المخدرات هروبا من واقعهم المزري، وهم يعيشون في أقوى دول العالم وأكثرها تطورا، ومن أنجحها اقتصادا وهم أمام أنظار ومسامع رجال دولهم، فهؤلاء لا يكترثون بأبنائهم فكيف سيكترثون بخائن عميل، أو بأفراد شعب محتل يرى من خلالهم الغربي أنه سيد هذه الدنيا بلا منازع؟!

 

لهذا أمدهم الله بأسباب القوة ليخضعوا الناس لقوتهم وسطوتهم وجبروتهم حسب ظنهم.

 

لقد أهلك الله من قبلهم من هم أشد منهم قوة، وأكثر جمعا، فما أغنى ذلك عنهم من الله شيئا، والأيام دول، يوم لنا ويوم علينا، فإن كان لنا فلا نبطر، وإن كان علينا فلا نضجر، ونحتسب كل ذلك عند الله وحده، فلا نامت أعين الجبناء.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ريان عادل – ولاية العراق

آخر الإضافات